الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: اختلاف العلماء ***
اختلاف العلماء لأبي عبدالله محمد بن نصر المروزي حدثنا أبو الفضل صالح بن محمد بن شاذان الأصبهاني قال حدثني إبراهيم بن محمود النيسابوري قال سمعت أبا عبد الله محمد بن نصر المروزي قال أما المضمضة والاستنشاق فإن أهل العلم اختلفوا في تاركها: فقال سفيان الثوري والكوفيون: إذا تركهما في الوضوء فلا شيء عليه وإذا تركهما في الجنابة ناسيًا أو متعمدًا حتى يصلي مضمض واستنشق وأعاد الصلاة. وقال مالك وأهل المدينة والشافعي: ليس على تاركهما في الجنابة والوضوء ولا يوجبوها في وضوء ولا غسل. وقال طائفة أخرى: من أهل العلم المضمضمة والاستنشاق واجبان في الوضوء والغسل من الجنابة جميعًا وعلى من تركهما الإعادة يروى هذا القول عن عطاء بن أبي رباح وحماد بن أبي سليمان وابن جريج وكان ابن المبارك وإسحاق يذهبان إليه. وقالت طائفة أخرى: الاستنشاق واجب في الوضوء والغسل جميعًا والمضمضة ليست بواجبة في واحد منهما وممن قال ذلك أحمد بن حنبل وأبو ثور وطائفة من أصحاب الحديث لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في الاستنشاق قال: (إذا توضأت فانتثر أو قال من توضأ فلينتثر) ولم يثبت عنه أمر بالمضمضة فلذلك أوجبوا الاستنشاق ولم يوجبوا المضمضة. قال سفيان: ولا وضوء من طعام ولا شراب لبنا كان أو غيره ولا من طعام مسته النار من لحم جزور أو بقرة أو شاة وهكذا قول الكوفيين وكذلك قال مالك والشافعي. وقالت طائفة من أصحاب الحديث: لا يتوضأ من شيء مسته النار أو لم تمسه من طعام ولا شراب إلا من لحم الجزور وممن قال ذلك أحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وغيرهم من أصحاب الحديث ذهبوا إلى حديث البراء وجابر بن سمرة.
قال سفيان: لا بأس ببول ما أكل لحمه وسؤره. أما سؤر ما أكل لحمه فلا اختلاف في أنه لا بأس به. وأما بوله فقد اختلفوا فيه: فقال طائفة من أهل الحديث: مثل قول سفيان واحتجوا بحديث أنس بن مالك في قصة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرجوا في إبله فيشربوا من أبوالها وألبانها وكان إسحاق يذهب إلى ذلك. قال أحمد بن حنبل لا يشرب بول الإبل وغير الإبل مما يؤكل لحمه إلا عند الضرورة وكذلك قال الشافعي وأبو ثور وذهبوا إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أذن ذلك للمرض الذي كان بهم. قال سفيان: إذا لم يجد ماء إلا سؤر البغل والحمار وأحب إلي أن يتوضأ به ثم يتيمم فأكون قد استوثقت. وقال أهل المدينة منهم ربيعة ويحيى بن سعيد وأبو الزناد لا بأس بسؤر البغل والحمار وجميع السباع إلا الكلب والخنزير. وقال أحمد لا بأس بسؤر السباع كلها ما خلا الكلب والخنزير مثل قول الشافعي وقد أكره سؤر الحمار لحديث ابن عمر أنه كره سؤر الحمار. قال سفيان: إذا نسيت أن تمسح برأسك وقد توضأت فكان في يدك بلل أو في لحيتك أجزأك أن تمسح ما في لحيتك أو في يدك وأن تأخذ ماء آخر لرأسك أحب إلي وكذلك قال الأوزاعي. وقال أصحاب الرأي لا يجزيه أن يمسح برأسه بما فضل عن يديه ولحيته قالوا إن مسح بهذا الماء الذي في لحيته فضلا يعيد الصلاة وهكذا قول الشافعي إنه لا يجزيه حتى يأخذ له ماء جديدًا. وقال أصحاب الرأي والأوزاعي والشافعي لو أن رجلا توضأ في طست الوضوء واجب عليه فجاء رجل فتوضأ بهذا الماء إنه لا يجزيه واختلف الأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي في الرجل توضأ في طست متطوعًا بالوضوء من غير حدث ثم يجيء رجل فيتوضأ بذلك الماء. قال أصحاب الرأي: لا يجزيه الوضوء بذلك الماء. قال الأوزاعي والشافعي يجزيه. قال سفيان: يجزيه. وقال أبو ثور: يجزيه أن يتوضأ بالماء جميعًا. وقال إسحاق مثل قول الأوزاعي والشافعي. وقال أبو عبد الله: هو جائز بالماءين جميعًا.
قال سفيان: وإذا أصاب ثوبه بول وهو لا يعلم مكانه فليغسل المكان الذي يليه وإذا لم يعلم الناحية التي أصابه غسل الثوب كله حتى يتيقن أنه قد غسل. يروى ذلك عن عطاء إبراهيم وقال ابن شبرمة: يتحرى ذلك المكان فيغسله. وقال الحكم وحماد: ينضحه. يروى ذلك عن عائشة
قال سفيان: في النائم: لا يجب عليه الوضوء حتى يضع جنبه وإن نام قائما أو قاعدا لا يعيد وضوءه وكذلك قال أصحاب الرأي. قال الشافعي: يجب عليه الوضوء على أي حال نام إلا أن ينام وهو قاعد ذهب إلى حديث ابن عمر في القاعد. وقال إسحاق يجب عليه الوضوء على أي حال نام أي ينام وهو قاعد. وقال أحمد: وسئل عن رجل نام مجتبيا أيتوضأ؟ قال: نعم يتوضأ قال المستند يتوضأ قلت فنام ساجدًا قال: والساجد يتوضأ إذا طال وأنا أقول النائم قاعدًا إذا أطال النوم إلا أن القاعد والمتربع أهون من المجتبي والمستند.
قال سفيان: إذا قبل الرجل امرأته وهو على وضوء فلا أرى عليه وضوءا وقال مالك وأهل المدينة عليه الوضوء. وكذلك قال ابن أبي ليلى وهو قول الشافعي ذهبوا إلى حديث ابن مسعود وابن عمر قالا القبلة من اللمس وفيها الوضوء. وقال أحمد وإسحاق إن قبل من شهوة فعليه الوضوء وما كان من غير شهوة فليس عليه الوضوء.
قال سفيان: المسافر يمسح على خفيه ثلاثة أيام ولياليهن والمقيم يوم وليلة. وقال أهل المدينة يمسح كم شاء ما لم يخلع لا وقت في ذلك. وكان الشافعي يقول بقول أهل المدينة وهو ببغداد ثم رجع عنه فقال مثل قول سفيان وهو قول أحمد وإسحاق. قال سفيان: يمسح على الخفين أعلاهما مرة واحدة ولا يمسح باطنهما. وقال الشافعي: إن مسح أعلاه أجزأه وكان يحب أن يمسح أعلاه وأسفله. وقال مالك يمسح أعلاه وأسفله وحكي ذلك عن الزهري وإسحاق كان يقول به واحتج بحديث المغيرة بن شعبة وابن عمر وضعف أحمد حديث المغيرة. قال سفيان: وإن نسي أن يمسح على خفيه فأصابهما بلل من ماء السماء أو نضح عليهما ماء أجزأه. وفي قول الشافعي ومالك وأحمد و إسحاق: لا يجزئه حتى يمسح عليه. قال سفيان: إذا مسحت على خفيك ثم نزعتهما فاغسل قدميك ليس عليك إلا ذلك. وقال مالك: إن هو غسل قدمه ساعة خلعه خفيه أجزأه وإن أخر غسله أعاد الوضوء. وقال الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق يعيد الوضوء. وقال ابن أبي ليلى ليس عليه شيء. وقال أحمد أضعف الأقاويل عندي أن يغسل قدميه وقال إنما أقول يعيد الوضوء احتياطًا. قال أبو عبد الله: يعني محمد لا أوجد عليه الوضوء ويقولون إذا خلع أحد خفيه وجب عليه أن يخلع الخف الآخر ويغسل قدميه حكاه على التعجب ثم قال كيف هذا إن كانت الطهارة إنما ينتقض بالخلع فينبغي أن يغسل هذه التي خلع خاصة وأبو ثور يقول يغسل قدميه وإن خلع أحدهما غسل التي خلع ويمسح على الآخر. قال سفيان: إذا مسحت على خفيك وأنت مقيم ثم بدا لك أن تسافر ولم تمسح عليهما يومًا وليلة فأتم إلى ثلاثة أيام واحتسب بما مسحت عليه وأنت مقيم. قال الشافعي وإسحاق: إذا مسح وهو مقيم ثم سافر فإنه لا يمسح أكثر من تمام يوم وليلة ووافقا سفيان في المسافر يمسح ثم يقدم فيقيم أنه يخلع إذا تم يومًا وليلة قال سفيان: إذا مسحت على خفيك ثم نزعت أحدهما فانزع الآخر واغسل قدميك. قال أحمد: أنكر هذا القول وقال إن كانت الطهارة إنما تنتقض بالخلع ينبغي أن يغسل هذه.
قال سفيان: إذا اغتسل الرجل من الجنابة فخرج من ذكره ماء بعد الغسل فإنما عليه الوضوء بال أو لم يبل. قال الأوزاعي إن كان بال فعليه الوضوء وإن لم يكن بال أعاد الغسل. قال الشافعي إذا خرج منه المني أعاد الغسل بال أم لم يبل.
قال سفيان وإبراهيم: إذا وجدت بللا وأنت نائم فاغتسل وهو أحب إلى سفيان أن يغتسل قال أحمد: إن كان شيخا أو صاحب برودة فإنه ليس عليه غسل وإن كان شابا شبقا فما يؤمنه أن يكون قد احتلم وهو لا يشعر فليغتسل. قال سفيان: إذا أخذ الرجل من شعره وأظفاره وقد توضأ فأحب إلي أن يمر عليه الماء قال الشافعي وأحمد: ليس عليه شيء وكان إسحاق يختار أن يعيد الوضوء شبه هذا بالذي يمسح خفيه ثم يخلعهما. قال أبو عبد الله: لا أرى عليه شيئًا
قال سفيان: إذا أردت أن تتيمم فاضرب كفيك الأرض ثم أمسح بهما وجهك ثم ضعهما على الأرض مرة أخرى ثم أمسح بكفيك وذراعيك إلى المرفقين وهكذا قال الكوفيون. وقال مالك والشافعي مثل ذلك. وقال أحمد وجماعة أصحاب الحديث: التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين واحتجوا بحديث عمار. وكان إسحاق يقول يتيمم بضربتين ضربة للوجه وضربة للكفين لا يمسح الذراعين. قال سفيان: إذا تيممت فصليت ثم وجدت الماء فلا تعد صلاتك فإن وجدت الماء وأنت في الصلاة قبل أن تسلم فانصرف وتوضأ ثم استقبل الصلاة وكذلك قال أصحاب الرأي وقال مالك إذا وجد الماء وهو في الصلاة فإنه يمضي في صلاته وصلاته جائزة وكذلك قال الشافعي وأحمد وأبو ثور. وقال إسحاق وأبو عبيد بقول سفيان وقول أحمد أحب إلى. قال سفيان: إذا تيمم يصلي بذلك التيمم الصلوات كلها ما لم يحدث وكذلك قال أصحاب الرأي وهو قول الأوزاعي. وقال يحيى بن سعيد وربيعة ومالك يتيمم لكل صلاة وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. قال سفيان: إذا علمت رجلا التيمم لم يجزئك حتى تنويه أنت التيمم وكذلك قال أصحاب الرأي وهو قول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق أجمعوا على التيمم أنه لا يجزئ إلا بنية. واختلفوا في الوضوء والغسل: فقال مالك وأهل المدينة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وأصحابنا أبو ثور لا يجزيه الوضوء والغسل إلا بنية. قال سفيان وأصحاب الرأي: الوضوء والغسل جائز بغير نية لو أن رجلا علم رجلا الوضوء وهو لا ينويه لنية أجزأه وكذلك إذا توضأ واغتسل متبرد وهو لا يقصد الفرض أجزأه. وقال الأوزاعي يجزيه الوضوء والتيمم بغير نية. قال أبو عبد الله: مثل قول الشافعي وغيره.
قال سفيان: المستحاضة تجلس أيام إقرائها التي كانت تحيض وأبعد ما يكون من الحيض عشرة أيام فيما يذكرون. قال أحمد وإسحاق: إذا استحيضت المرأة واستقر بها الدم فإن كانت تعرف أيامها التي كانت تحيض فيه كل شهر تجلس أيام حيضها فإذا جاوزت ذلك اغتسلت وصلت فإن لم تكن تعرف أيامها وكان دمها ينفصل فيكون في وقت من الشهر أحمر يضرب إلى السواد وفي وقت يصير إلى الرقة والصفرة فإنها تجلس في الأيام التي ترى فيها الدم الأحمر وصار على الكدرة والصفرة اغتسلت وصلت على حديث عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش وإن كانت لا تعرف أيامها وكان دمها مشكلا لا ينفصل على ما ذكرنا فإنها تجلس ستة أيام أو سبعة أيام على حديث حمنة وهذا مذهب أبي عبيد. وقال الشافعي وأبو ثور وغيرهما: إذا استحيضت المرأة فاستقر بها الدم وكان دمها ينفصل ويتميز دم حيضها من دم استحاضتها على ما ذكرنا فإنها تجلس للحيض في أيام الدم الأحمر الذي يضرب إلى السواد فإذا أدبر الدم اغتسلت وصلت عرفت أيامها فيما مضى أو لم تعرف فإن كان دمها ولا يمكنها التمييز بين الدمين وكان لها أيام معلومة فيما مضى فإنها تجلس عدد الأيام التي كانت تجلسها في كل شهر فإذا جاوز ذلك اغتسلت وصلت. ولا وقت عند أحمد وإسحاق وأبي عبيد في أكثر الحيض إنما هو ما يوجد في النساء وفي أقل الحيض قال أحمد أقل الحيض يوم. وقال مالك أكثر الحيض خمسة عشر. واختلفوا في أقله: فروي عنه يعني مالكا أقله ثلاثة أيام. وروي عنه أنه كان لا يوقت في أقله. وأبو عبيد: لا يوقت في الأقل والأكثر. قال سفيان: والحبلى إذا رأت في حبلها صفرة أو دما فليس بحيض ولا تترك الصلاة حتى تضع حملها وإن سال الدم فليس عليها غسل كذلك قال أصحاب الرأي وهو قول أحمد وأبي عبيد. وقال مالك وأهل الحديث والشافعي وإسحاق إذا رأت الحامل الدم في أيام حيضها على ما كانت تراه قبل الحمل فهو حيض تترك الصلاة وإذا رأت ذلك في أيامها وكان دمها كدم الحيض.
قال سفيان: النفساء إذا لم ينقطع منها الدم بعد أربعين اغتسلت وصلت وهو استحاضة وهو قول أحمد وإسحاق وأبي عبيد. قال مالك النفساء تجلس شهرين وهكذا قول الشافعي وأبي ثور. وقول سفيان أحب إلى أبي عبد الله. قال سفيان: في الحائض إذا طهرت في وقت العصر فأحب إلى أن تقضي الظهر والعصر ليس بواجب عليها وكذلك قوله في المغرب والعشاء. وقال أحمد والشافعي وإسحاق إذا طهرت في وقت العصر فعليها أن تصلي الظهر والعصر جميعًا وكذلك في وقت العشاء.
واختلف أهل العلم في البكر أول ما ترى الدم: قال سفيان: والأوزاعي تجلس كما تجلس أمهاتها ونساؤها وكذلك قال إسحاق إن لم تعرف وقت أمهاتها ونسائها فإنه ليس عندنا وقت وقال نأخذ بالحديث إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي قال وإقبال الحيضة عندنا سواد الدم وتغيره فما دامت ترى الدم تركت الصلاة إذا أدبر عنها الدم ورأت الصفرة أو الكدرة فإنها تغتسل وتصلي. قال أصحاب الرأي تجلس عشرة أيام الحيض. وقال ابن المبارك: تجلس ثلاثة أيام. وقال أحمد: تجلس يومًا واحدًا. قال أبو ثور: أقل ما يكون من الحيض هو يوم وليلة تغتسل وتتوضأ وتصلي وقال الشافعي: إذا اغتسلت المراءة فلم تحض حتى حاضت فطبق عليها الدم فإن كان دمها ينفصل فأيام حيضها أيام الدم الثخين والأحمر وأيام استحاضتها أيام الدم الرقيق ويرى في ذلك أن تغتسل ويأتيها زوجها. وقال أبو عبيد: تجلس على حديث حمنة ستًا أو سبعًا. وقال أبو عبد الله: إذا كانت تميز الدم أميل إلى الشافعي.
قال سفيان: آمين عقبها قال الشافعي وأحمد وإسحاق وعامة أصحاب الحديث يجهر الإمام بآمين ومن خلفه قال سفيان: إن لم تقل في ركوعك ولا سجودك سبحان ربي العظيم فقد أحيل فهمك قال الشافعي إذا تركه عمدا أو ناسيًا أجزأه وكان إسحاق يقول إذا ترك التسبيح والتكبيرات ناسيًا والتشهد ناسيًا وإن ترك من ذلك شيئا متعمدًا لم تجزه صلاته قال سفيان: وإن شئت فسبح في الأخريين من الصلاة بعد فاتحة الكتاب أي ذلك فعلت أجزأك قال أحمد لا يجزئه حتى يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وكذلك قال الشافعي وأصحابه قال سفيان: يقنت قبل الركوع وقال أحمد يقنت بعد الركوع ويسلم في الركعتين من الوتر وكذلك قال الشافعي وإسحاق في التسليم وهو قول مالك في التسليم قال سفيان: إنه أوتر ما بعد طلوع الفجر فلا بأس والليل أحب إليهم وقال أحمد إذا نام عن الوتر أو نسيه فإنه يوتر ما لم يصلي الغداة فإذا صلى الغداة لم يوتر بعد ذلك وكذلك قال إسحاق وقال الكوفيون متى ما ذكر أوتر
قال أحمد وإسحاق عليه أن يعيد الصلاة واحتجا بحديث وابصة بن معبد قال الشافعي صلاته مجزأ ة واحتج بحديث أنس صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا ويتيم وأم سليم خلفنا قال الشافعي الرجل والمرأة في ذلك سواء وفرق أحمد وإسحاق بين الرجل والمرأة فقالا للمرأة أن تصلي خلف الصف وحدها لحديث أنس وليس الرجل أن يصلي خلف الصف وحده وكذلك قال إسحاق قال سفيان: إذا قهقه الرجل في الصلة أعاد الوضوء والصلاة كذلك قال الكوفيون وقال مالك وأهل المدينة والشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق لا وضوء في الضحك في الصلاة ولا غيرها وعليه أن يعيد الصلاة إذا ضحك فيها ولا يعيد الوضوء أثبتوا حديث أبي العالية واحتجوا بحديث جابر وأبي موسى الأشعري أنهما لم يريا في الضحك في الصلاة وضوءا. قال سفيان: أذا نسي الرجل القراءة في الركعتين الأوليين من الظهر أو العصر أو العشاء قرأ في الركعتين الأخريين وسجد سجدتي السهو قال أحمد لا يجزؤه حتي يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وكذلك قال الشافعي واحتج أحمد بحديث جابر بن عبد الله (من صلى ركعة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب لم يصل إلا أن يكون وراء الإمام). قال سفيان: إن دخل القوم المسجد وقد صلوا جماعة فلا يصلوا جماعة قال أحمد وإسحاق: يصلون جماعة أفضل لحديث أبي سعيد الخدري وحديث أبي أمامة فقال: ألا رجل يتصدق على هذا.
قال سفيان: إذا أنت قد صليت المكتوبة ثم دخلت المسجد فأقيمت الصلاة فصلي معهم تطوعًا الصلوات كلها إلا المغرب فإذا سلم الإمام فقم فاشفع بركعة. وقال أحمد وإسحاق إذا أقيمت الصلاة وأنت في المسجد فلا تخرج حتى تصلي الصلوات كلها. وقال أصحاب الرأي لا يصلي الغداة ولا العصر. قال سفيان: إذا سافرت سفرا يكون ثلاثة أيام فاقصر الصلاة وإن قدم صوم فيه إن شئت فصم والصوم أحب إلى. وقال مالك وأهل المدينة يقصر في مسيرة ستة عشر فرسخا وكذلك قال الشافعي وأحمد وإسحاق واحتجوا بحديث ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يقصران في مسيرة أربعة برد وهي ستة عشر فرسخًا. وأما الصوم فإن مالك قال مثل قول سفيان وكذلك قال الشافعي قال أحمد وإسحاق الفطر أفضل وإن صام فهو جائز. قال سفيان: إذا قدمت أرضا وأنت مسافر فأزمعت أن تقيم خمس عشرة فأتم الصلاة وكذلك قال الكوفيون. وقال مالك وأهل المدينة إذا أزمع على إقامة أربعة أيام أتم الصلاة وكذلك قال الشافعي إذا أزمع على إقامة أربعة أيام سوى اليوم الذي يدخل فيه واليوم الذي يخرج منه فإنه يتم صلاته قال أحمد إذا أزمع على مقام أكثر من أربعة أيام فإنه يتم الصلاة واحتج أحمد بحديث جابر وعائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام قدم مكة صبح رابعة من ذي الحجة فقال أحمد أزمع النبي على مقام أربعة أيام فقصر فما زاد على هذا فإنه يتم. وأما إسحاق فكان يقول لا أفتي في هذه المسألة. قال سفيان: لا يؤم الغلام القوم حتى يحتلم. قال الشافعي وإسحاق: لا بأس أن يؤمهم إذا عقل الصلاة وكان أقرأهم لحديث عمرو بن سلمة. قال سفيان: ويكره أن يؤم الرجل القوم في رمضان في المصحف أو غير رمضان وقال إسحاق: لا بأس أن يؤمهم في المصحف واحتج بحديث عائشة كان لها إمام يؤمها في المصحف. وأما أحمد فإنه قال لا يعجبني ذلك إلا أن يضطروا إليه فإذا اضطروا فلا بأس قال سفيان: إذا أحدث الرجل وقد صلى ركعة أو ركعتين من رعاف أو قيء فلينصرف من غير أن يتكلم فليتوضأ ثم يبني على صلاته فإن تكلم أعاد الصلاة وإن هو أحدث من بول أو ريح أو ضحك وقد صلى ركعة أو ركعتين أعاد الوضوء والصلاة وقال الكوفيون وأصحاب الرأي ينصرف من الحدث كله البول والغائط والرعاف والقيء فيتوضأ ثم يرجع فيبني على صلاته ما لم يتكلم إلا الضحك وقال مالك في البول والغائط والريح يتوضأ ويعيد الصلاة وكذلك قال الشافعي ولا يرى مالك في الرعاف والقيء وضوء وكذلك قال الشافعي وأما أحمد فإنه يرى في الرعاف والقيء وضوء ويرى أن يتوضأ ويعيد الصلاة قال إسحاق يتوضأ من هذا كله ويبني على صلاته قال سفيان: لا ترفع يديك إلا في أول تكبيرة وإن فعلت ذلك فقد فعل وقال الأوزاعي أدركت أهل الحجاز وأهل الشام وأهل العراق ما خلا أهل الكوفة يرفعون أيديهم إذا افتتحوا الصلاة وإذا ركعوا وإذا رفعوا رؤسهم وكان مالك وابن المبارك وأحمد وإسحاق والشافعي ويحيى يرفعون. وقال أبو الفضل وحكى لنا أبو عبد الله في كتابه المصنف بآخره عن يونس عن ابن وهب عن مالك أنه كان يرفع في آخر أمره. قال سفيان: إذا صليت خلف الإمام فلا تقرأ خلفه جهر أم لم يجهر. وقال مالك وأهل المدينة يقرأ فيما لا يجهر فيه ولا يقرأ فيما يجهر فيه وكذلك قال ابن المبارك وأحمد. وقال الشافعي وإسحاق يقرأ فيما لا يجهر الإمام بفاتحة الكتاب وسورة ويقرأ فيما يجهر الإمام بفاتحة الكتاب عند سكتات الإمام وعن لم يمكنه استماع الإمام وأما أبو ثور وغيره فإنهم يقولون يقرأ وإن سمع القراءة بفاتحة الكتاب قال سفيان: المريض يصلي يومىء أيضا قال أحمد إن أومأ أو سجد على مرفقيه أجزأه كليهما يروى عن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -. قال سفيان: في الرجل يصلي قاعدا قال يتربع ثم ليقرأ وهو متربع وليرفع وهو متربع فإذا أراد أن يسجد ثنى رجله ثم عاد يتربع وقال كلاهما جائز يتربع أو يجلس كما يجلس في الصلاة والجلوس في الصلاة أن ينصب اليمنى ويضجع اليسرى. وقال الشافعي وإسحاق وأحمد في الجلسة الأولى كما قال سفيان: ويضجع اليسرى فيجلس عليها وينصب اليمنى في الجلسة الأخيرة يتورك على شقه الأيسر على حديث أبي حميد الساعدي. قال سفيان: المغمى عليه لا يقضي إلا صلاة يومه الذي أفاق فيه وقال مالك لا يقضي إلا الصلاة التى أفاق في وقتها وقال الشافعي وإسحاق إذا أفاق في وقت العصر قضى الظهر والعصر جميعًا وإذا أفاق في وقت العشاء قضى المغرب والعشاء جميعًا لا يقضي أكثر من هذا وقال أحمد يقضي الصلوات كلها جعله قياسا على النائم ذهب إلى حديث عمار أغمي عليه فقضى الصلوات كلها وقال أصحاب الرأي يقضي خمس صلوات فإذا كان أكثر من ذلك لم يقض قال سفيان: إذا شككت في صلاتك فلا تدري ثلاثا صليت أو أكثر فانظر الذي تستقين فابن عليه حتى تتم الصلاة ثم اسجد سجدتين إذا سلمت من صلاتك تشهد في السجدتين واسجدهما بعد التسليم وقال مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق مثل قول سفيان في الرجل يشك في صلاته إنه يبني على اليقين إلا أنهم خالفوه في سجدتي السهو فقالوا هما قبل التسليم على حديث أبي سعيد الخدري وعبد الرحمن بن عوف قال أبو عبد الله: واختلفت الروايات عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين في الذي يشك في صلاته وروي عن عبد الله بن عمرو وابن عمر أنهما قالا: يعيد الصلاة حتى يحفظ فلا يشك. وروي عن ابن عباس قال: إن نسيت المكتوبة فعد لصلاتك مرة واحدة فإن شككت الثانية فلا تعد وكذلك قال طاووس. وروي عن سعيد بن جبير وعطاء وميمون بن مهران أنهم كانوا إذا شكوا في الصلاة أعادوها ثلاث مرات فإن كانت الرابعة لم يعيدوا. وقالت طائفة يبني على أكثر ظنه على حديث ابن مسعود. وقال أحمد إن فعل هكذا على ما روي عن عبد الله بن مسعود أجزأه. وقال بعض أصحاب الرأي كغيرهم إذا شك في صلاته فلا يدري ثلاثا يعني صلى أم أربعا قال إذا كان ذلك أول ما سهى استقبل الصلاة وبنى على أكثر رأيه. والله أعلم.
واختلفوا في سجدتي السهو: فقال مالك ما كان من سهو هو نقصان في الصلاة فإنه يسجد سجدتي السهو قبل التسليم وما كان من زيادة فإنه يسجدها بعد التسليم وكذلك قال إسحاق وأبو ثور ذهبوا على حديث ابن بحينة في النقصان وإلى حديث ذي اليدين في الزيادة وقال بها سائر أهل المدينة يروي ذلك عن الزهري وربيعة سجود السهو كله قبل التسليم إلا في موضعين أن يشك في صلاته فلا يدري كم صلى قال فإن هو بنى على أكثر ظنه فإنه يسجد سجدتي السهو بعد التسليم على حديث ابن مسعود. عن أبي عبد الله إذا سلم في الركعتين ساهيا ثم تكلم أو لم يتكلم ثم ذكر فإنه يبني على صلاته ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم على حديث ذي اليدين وكذلك كل سهو سوى هذين فإنه يسجد فيه قبل التسليم على حديث أبي سعيد الخدري وعبد الرحمن بن عوف وابن بحينة. وقال الكوفيون سجود السهو كله بعد التسليم على حديث ذي اليدين وعبد الله بن مسعود وروى عن المغيرة بن شعبة خلاف حديث ابن بحينة في سجود السهو خاصة قال أبو عبد الله: نختار في سجود السهو كله قبل التسليم إلا في موضع واحد على حديث ذي اليدين.
قال أبو عبد الله: حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في السفر قال مالك وأهل المدينة لا بأس أن يجمع بين الصلاتين في السفر يؤخر الأولى منهما حتى يدخل وقت الأخرى ثم يصليهما جميعًا في وقت الآخرة منهما قال الشافعي إن شاء قدم الآخرة فصلاهما في وقت الأولى وإن شاء أخر الأولى فصلاهما في وقت الأخرى وكذلك قال إسحاق وذهبا إلى حديث ابن عباس وقال أحمد لا بأس أن يؤخر الظهر فيصليها في وقت العصر مع العصر ويؤخر المغرب حتى يغيب الشفق ثم يصليها مع العشاء ولم ير أن يقدم العصر فيصليها في وقت الظهر وضعف أحمد حديث ابن عباس وذهب إلى حديث ابن عمر أنه أخر المغرب حتى غاب الشفق ثم جمع بينهما وقال هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل قال أبو عبد الله: وقول ابن عمر أعجب إلي وحديث ابن عباس صحيح
قال سفيان: لا يقطع الصلاة شيء كلب ولا حمار ولا امرأة وكذلك قال أصحاب الرأي وهو قول مالك والشافعي وقال أحمد وإسحاق والحميدي: يقطعها الكلب الأسود خاصة ولا يقطعها سواه.
قال سفيان: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف بذات الرقاع. وأما مالك والشافعي وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد فإنهم اختاروا أن يصلوا صلاة الخوف على حديث سهل بن أبي حثمة واختاره يحيى بن يحيى. وإسحاق يذهب مثل مذهب سفيان. وقال أحمد على أي حديث صلوها يحزؤهم مما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا أعلم فيه حديثا ثابتا.
قال سفيان: في الجمعة إذا أدركهم وهم جلوس ثم سلم صلى أربعا ينوي بها الظهر وكذلك قال ابن المبارك. قال الشافعي وأحمد وإسحاق ليس بينهم اختلاف إلا أن بعضهم قال ليس عليه أن ينوي الظهر كذلك كان يقول إسحاق. وقال كبير أصحاب الرأي يصلي ركعتين وخالفه عامتهم. قال سفيان: إذا اشتد الزحام فلم تقدر أن تسجد فسجدت على ظهر رجل فلا بأس وإن انتظرت حتى يرفعوا رؤسهم فسجدت فلا بأس. قال الشافعي وإسحاق إذا أمكنه أن يضع كفيه بالأرض سجد على ظهر أخيه فإن لم يمكنه أن يضع كفيه بالأرض انتظر حتى يرفع القوم رؤوسهم ثم يسجد وكذلك قال أصحاب الرأي.
قال سفيان: في التكبير في الأضحى والفطر أربع تكبيرات قبل القراءة ويحمد الله ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - بين كل تكبيرتين واختار مالك وأهل المدينة والشافعي وأحمد وإسحاق يكبر سبعا في أوله ويكبر خمسا في آخره لا يوالي بين القراءتين ويحمد الله ويصلي علي نبيه عليه السلام قال سفيان: وإذا أحدث في العيدين فخاف أن يسبقه الإمام بالصلاة قبل أن يتوضأ فليتيمم ثم يصلي معه وإنما جعل ذلك لأنها صلاة لا تقضى وليس هي بمنزلة صلاة فريضة يقضيها قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والحميدي ليس له أن يتيمم. قال سفيان: إذا كان القوم محبسين أو مرضى في مصر فلا يصلوا جميعًا ليصلوا وحدانا صلاة الظهر ولا يصلوا حتى يرجع الإمام. وقال أحمد وإسحاق إذا فاتهم الجمعة وكانوا مرضى أو محبوسين فإنهم يصلون جماعة والمرضى والمحبوسين يصلون قبل الإمام إذا دخل وقت الظهر لأنه ليس عليهم جمعة ومن وجبت عليه الجمعة فليس له أن يصلي ما لم تنته الجمعة. فإن صلى قبل الإمام فإنهم قد اختلفوا في صلاته هل تجزيه أم لا: فقال الشافعي لا تجزيه صلاته وعليه إذا فاتت الجمعة أن يصلي الظهر مرة أخرى أخرى واختلف أصحاب الرأي في ذلك فقال شيخهم إذا صلى الظهر فقد أجزأه فإن هو خرج بعد ذلك من منزله فذهب إلى الجمعة فأدرك الإمام وهو يصلي الجمعة فدخل معه في صلاته فقد انتقض الظهر وصلاته الجمعة وقال صاحباه إذا هو صلى الظهر فإن هو خرج يريد الجمعة فقد انتقض الظهر وعليه بأن يمضي إلى الجمعة فيصلي الجمعة فإن فاتته أعاد الظهر. وقال أبو ثور صلاته الظهر جائزة وهو عاجز بترك الجمعة فإن هو خرج أو لم يخرج صارت الجمعة ولم يخرج من منزله يريد الجمعة أجزأه ذلك وإن لم يخرج يريد الجمعة صار إلى الجمعة فقد أجزأه الظهر وكان الشافعي يقول بهذا ثم رجع عنه.
قال سفيان: إذا نسيت الصلاة في الحضر فذكرتها في السفر فصل صلاة الحضر وإذا نسيت صلاة السفر فذكرتها في الحضر فصل صلاة السفر وكذلك قال أصحاب الرأي. وقال الشافعي إذا نسي صلاة في الحضر فذكرها في السفر مثل قول سفيان قال فإن نسي صلاة في السفر فذكرها في الحضر صلى صلاة الحضر أربعًا قال أحمد: يعجبني أن يفعل مثل ما قال الشافعي. ويروى عن أشعث عن الحسن أنه قال يصلي صلاة يومه الذي يذكر فيه ويروى عن الحسن مثل قول الشافعي الفضل بن دلهم وغيره. قال سفيان: لا تشريق ولا جمعة إلا في مصر جامع وكذلك قال أصحاب الرأي. قال أحمد: هذا لا شيء. وقال مالك: نرى أن يجمع في القرى بإمام وغير إمام. وقال الشافعي وأحمد: كل قرية فيها أربعون رجلا فعليهم الجمعة وجبت إلى حديث كعب بن مالك قال: (أول جمعة جمعت بالمدينة أربعون رجلا). قال سفيان: التكبير أيام التشريق على المرأة والرجل والحاضر والبادي. وقال الشافعي وإسحاق وأبو عبيد يكبر الرجل والمرأة والمنفرد والمسافر.
قال سفيان: الأذان مثنى مثنى والإقامة مثنى مثنى وكذلك قول أصحاب الرأي قال مالك نختار تثنية الأذان وإفراد الإقامة. وكان الشافعي يختار الرجوع في الأذان على أذان أبي محذورة ويختار إفراد الإقامة وهو قول الحميدي. قال أحمد وإسحاق يثنى الأذان وتفرد الإقامة إلا قوله قد قامت الصلاة فليكبر الإمام وإن شاء أن ينتظر حتى يفرغ المؤذن من الإقامة.
قال سفيان: إذا أحدث الإمام أشار إلى رجل من القوم وأخذ بيده فقدمه فصلى بالقوم بقية صلاتهم. وقال الشافعي إذا أحدث الإمام ولم يقدم أحدا وخرج وهو يتوضأ أعاد الصلاة ويبني القوم على صلاتهم فرادى. وأما إسحاق فقال إذا أحدث أشار إلى القوم أن يثبتوا قياما ثم يذهب فيتوضأ ويرجع ويتم بهم بقية صلاتهم وذهب إلى حديث أبي بكرة. قال أبو عبد الله: هذا الحديث ليس فيه ذكر لحدث النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان جنبا فذكر أنه لم يغتسل ورواه بعضهم أنه لم يكن كبر. قال أبو عبد الله: إنه قدم رجلا فصلى بهم بقية صلاتهم أجزأهم وإن خرج ولم يقدم أحدا فأتموا هم صلاتهم فرادى أجزأهم كأنهم أدركوا مع الإمام بعض صلاتهم أليس يقومون فيقضون فرادى وإن قدموا هم رجلا فصلى بهم بقية صلاتهم أجزأهم. وقال سفيان: ينبغي للإمام أن يقدم رجلا فيصلي بهم بقية صلاتهم أجزأهم. وقال أصحاب الرأي ينبغي للإمام أن يقدم رجلا يصلي بهم على ما قال سفيان: فإن هو انصرف ولم يقدم أحدا فقدم القوم رجلا يصلي بهم قبل أن يخرج الإمام من المسجد أجزأتهم وإن هم لم يقدموا أحدا حتى يخرج الإمام من المسجد فسدت صلاتهم.
قال سفيان: ولا يفتح على الإمام إذا افتتح. قال الشافعي وإسحاق وأحمد لا بأس أن يفتح على الإمام ولا تفسد صلاة الذي يلقنه.
قال سفيان: في التسليم على الجنائز يسلم تسليمة خفيفة وقال أصحاب الرأي: يسلم تسليمتين وقال ابن المبارك وعامة أهل الحديث: تسليمة واحدة قال سفيان: إذا زاد الإمام على أربع انصرف وقال أحمد وإسحاق: لا ينصرف يكبر كما يكبر الإمام وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث زيد بن أرقم ويروى عن حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كبر خمسا قال أبو عبد الله: لا وقت في ذلك قال سفيان: وإذا انتهيت إلى الجنازة وأنت على غير وضوء فخشيت أن يسبقك بالصلاة عليها أن تتوضأ فتيمم ثم صلي عليها فإنها بمنزلة صلاة يخاف فوتها وقال الشافعي: لا يتيمم وكذلك قال الحميدي وأحمد. أما إسحاق فقال يتيمم وهو قول أصحاب الرأي. قال أبو عبد الله: إن توضأ وصلى على القبر أحبه إلي. قال سفيان: في الميت لا يمضمض ولا يستنشق وأحب إلي أن يدخل إصبعه في فيه وأنفه في عصر البطن. قال سفيان: بعد الغسلة الأولى. قال أبو عبد الله: يعصره قبل الغسل. قال سفيان: الكفن اجعل اللفافة مما يلي الأرض ثم أبسط الإزار فوق اللفافة بسطا ثم ألبس القميص أو أدرجه في ثيابه. قال وأحب إلي أن يكفن في ثلاث أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة يدرج فيهن إدراجا صح ذلك عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفن هكذا وكذلك قال الشافعي نخمر الثياب بعود غير قطوي ثم يبسط أوسعها وأحسنها أولها ويذر عليه شيء من حنوط ثم يبسط الذي يليه في السعة ثم يذر عليه شيء من حنوط ويوضع فيه الميت مستلقيا ويوضع الحنوط والكافور على الكرسف ويوضع على منخره وفيه وأذنه ودبره إن كانت به جراحة بادية وضع عليها.
|